حوافز الإستثمار في ظل النظم الوضعية

05/09/2011 20:09

حوافز الإستثمار في ظل النظم الوضعية

 

نوسینی أ.م. د. أمين محمد سعيد الإدريس
Wednesday, 09 February 2011
Active Imageقال (أوليفية جسكار) في ملحق مجلة العالمين يصف الأحوال الإقتصادية التي سادت الأرض آنذاك: (تضخم متزايد، إفلاس متعدد الأسباب،إستدانة مفرطة لجأت إليها دول العالم الثالث)، ثم يختم حديثه عن هذه الأزمات التي يعانيها العالم المتقدم والعالم النامي مع إختلاف إمتدادها وآثارها قائلاً:(لذلك كله علة واحدة، إنها التركيبة الإقتصادية القائمة على نظام الفائدة الربوية) (مشهور، بدون تأريخ، ص29).من الممكن الدفاع عن تلك الأوضاع الإقتصادية بالمنطق الإقتصادي السائد، لكن الأمر يتغير عندما يكون الربا (الذي هو محور عمل تلك الإقتصاديات) إنها كالمبادئ دينية أساسية، وقاضياً على قيم أخلاقية لها وزنها.هل هناك بديل عملي معقول يغني ويجدي؟ ويتسق مع الدين والخلق، وينقذ المجتمعات البشرية من الآثار المشؤومة للنظام والربوي، وما يتبعه من تضخم وأزمات.
أولاً: المبادئ الأساسية للنظام الإقتصادي الإسلامي: 1- العقيدة الإسلاميةالفرد المسلم كائن مكلف ومستخلف من الله لتطبيق تعاليمه، وإعمار الأرض، ومعيار تقييم الفرد في الإسلام هو تقوى الله بإتباع سبل الإستقامة والصلاح، ويكتسب النشاط الإقتصادي في الإسلام طابعاً تعبدياً، حيث إن عمل المسلم سواء أكان إقتصادياً أم غير ذلك هو بمثابة عبادة يثاب عليها إذا إستهدف بها وجه الله، وإبتغاء مرضاته (مشهور، بدون تأريخ، ص31). 2-الإعتدال الوسيطيةوهي تتلخص بالموازنة بين الروح والجسد، فليس هناك إهمال للحاجات المادية للإنسان على حساب التكاليف الدينية الروحية، إذ ان الميل بإتجاه الروح على حساب المادة، أو بإتجاه المادة على حساب الروح يؤدي إلى أن تسيّر الحياة مظطربة تهمل فيها صالح العباد، وتصاب بالحركة العرجاء على غير هدى ولا صراط مستقيم. (القرضاوي، 2002، ص89)3-واقعية النظام الإقتصادي الإسلامي واخلاقيتهلقد ربط الإسلام أخلاقية نظامه الإقتصادي بالعقيدة، حتى نفي الإيمان عمن لا أمانة لهُ، وعمَنْ بات شبعاناً و جاره إلى جنبه جائع و هوَ يعلم، وعمن زنى أو سرق أو شرب الخمر.وربط الحياة كلها بالأخلاف، فلا إنفصال بين العلم والأخلاق، ولا بين السياسة والأخلاق، ولا بين الإقتصاد والأخلاق، ولا بين الحرب والأخلاق، فالأخلاق محور الحياة الإسلام وإمتداداتها.يتميز الإقتصاد الإسلامي بأنهُ (إقتصاد رباني)، وانه (إقتصاد إنساني) أيضاً كما أنه بلا ريب (إقتصاد أخلاقي)، و(إقتصاد وسطي). وهذه المعاني أو القيم الأساسية الأربع لها فروعها وثمارها في كل جوانب الإقتصاد والمعاملات المالية الإسلامية، إنتاجا وإستهلاكاً، وتداولاً وتوزيعاً، فكلها مصبوغة بهذه القيم، معبرة عنها، مؤكدة لها، والا لم تكن إسلامية الآ بالتظاهر أو الإدعاء وعلى مر العصور كانت العقبة الرئيسية أمام العديد من المشروعات إنحرافات أخلاقية من فساد الذمة أو طغيان الأهواء (الجمال، 1980، ص14)أ- ربانية المنطلقاتذلك لأن منطلقاته من الله، فالأنظمة الإقتصادية من إنتاج وإستهلاك وتبادل وتوزيع مشدودة إلى المبدأ الرباني، وإلى الغاية الرباينة [هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ] (سورة الملك: الآية 15)وهو حين يستهلك ويأكل من طيبات الحياة يستجيب كذلك لأمر الله: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً] (سورة البقرة:الآية 168).ب-إقتصاد إنسانيفإذا كاننت أصول الإقتصاد الإسلامي مستندة إلى نصوص القرآن والسنة، وهي نصوص ربانية، فإن الإنسان هو المخاطب بهذه النصوص، وهو الذي يفهمها ويفسرها، ويستنبط منها، ويقيس عليها، ويحولها إلى واقع معيشي، فينقلها من دائرة النظرة إلى دائرة التطبيق.جـ- إقتصاد وسطيومن القيم الرئيسية في الإقتصاد الإسلامي قيم الوسيطة، أو التوازن، بل ان هذه الوسيطة العادلة في الواقع هي روح هذا الإقتصاد. فروح النظام الرأسمالي يتجلى في تقديس الفرد، وروح النظام الإشتراكي يتمثل في سوء الظن بالفرد ومصادرة نزعية إلى تملك والغنى.وتتجلى وسطية الإسلام في التوازن المقسط بين الفرد و المجتمع، فضلاً عن كونها متاجة في كل المتقابلات الأخرى، بين الدنيا والآخرة، وبين الجسم والروح، بين العقل والقلب إلى غير ذلك (القرضاوي، 2002ن ص87).ثانيا: أهم الحوافز التي تقدمها الدول الحديثة للمتستثمرين1-الحوافز الماليةهدفها الأساسي إعفاء أو تخفيض العبء الضريبي على المستثمر، وتشمل على: (عبد، 2005، ص76)أ-حوافز مبنية على الربح، وتتضمن: -تخفيض المعدل القياسي لضريبة الدخل، إعفاءات ضريبية، السماح للمستثمر بخصم الخسائر التي تكبدها إثناء فترة السماح من الأرباح التي يكسبها لاحقاً.ب-حوافز مبنية على الإسثمار الرأسمالي و تشتمل على:- اهلاك الأصول بمعدل متسارع، علاوة إستثمار وإعادة إستثمار.جـ-حوافز مبنية على العمل وتتناول:-تخفيظات في مساهمات التأمين الإجتماعيد-مبينة على المبيعات وتشتمل-تخفيضات في ضريبة الدخل بناء على حجم المبيعات الكلي.هـ-مبنية على القيمة المضافة وتتضمن:-تخفيضات في ضريبة الدخل أو الإعتمادات الضريبية على المحتوى المحلي الصافي في المنتجات، منح إعتمادات ضريبية الدخل بناء على القيمة الصافية المكتبية.و-مبنية على نفقات أخرى بعينها وتشتمل:-تخفيضات في ضريبة الدخل بناء على النفقات المتعلقة بنشاطات التسويق والترويج على سبيل المثال.ز-مبنية على الواردات وتتضمن:-إعفاء من رسوم الواردات على السلع الرأسمالية، المعدات أو المواد الخام، قطع الغيار والمدخلات المتعلقة بعملية الإنتاج.حـ-مبنية على الصادرات ومنها:-ضريبة تفضيلية لعائدات الصادر، تخفيض ضريبة الدخل على النشاطات المدرة للنقد الأجنبي أو الصادرات المصنعة.-متعلقة بالمدخلات مثل:إسترداد الرسوم، إعتمادات ضريبة الدخل للمحتوى المحلي الصافي في الصادرات.2-حوافز تمويليةيتضمن هذا النوع من الحوافز توفير الأموال مباشرة للمنشأت بهدف تمويل الإستثمارات الجديدة أو تجديد وتوسيع الإستثمارات القائمة.وتشتمل على أنواع الحوافز التمويلية العون الحكومي لتغطية جزء من تكاليف رأس المال، أو الإنتاج، أو التسويق، والإعتماد الحكومي بأسعار فائدة مدعومة، والمشاركة الحكومية في رأس المال، والتأمين الحكومي بمعدلات تفضيلية مثل المصادرة والفوضى السياسية (وهذا النوع من التأمين يقدم عادة عن طريق وكالة عالمية) (UNCTAD, 1997, 32). ثالثاً: حوافز إستثمارية إنفرد بها النظام الإقتصادي الإسلاميلابد لي إبتداء أن ابين إن جميع الإستثمارات المحلية متاحة لمواطني الدولة الإسلامية مالم بخالف ضابطاً شرعياً يتعلق بمحرم، أو ما يتعارض مع الصلحة العامة كذلك فإن من أهم الضوابط الشرعية لإنشاء الإستثمارات الأجنبية المباشرة في الدولة الإسلامية هي (عبد، 2005، 193).1- عدم مزاولة الإستثمار الأجنبي المباشر لأي نشاط يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية كالربا و الغش والربا وخداع المستهلكين من خلال الدعاية المضللة.2- عدم قيام المستثمر الأجنبي بما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية من ممارسة الفواحش المحرمة أو جلبها أو الترويج لها.تمكين المسلمين العاملين في هذه المشاريع من ممارسة طقوسهم الدينية.4- حضور ومراقبة الدولة الإسلامية لنشاطات المستثمرين الأجانب.بعد أن حددنا أهم الضوابط الشرعية للإسثمار الأجنبي في الدولة الإسلامية ننطلق إلى أهم الحوافز التي وفرتها الشريعة الإسلامية للمستثمرين: (بني هاني، 2004، ص423-439)1- ضمان أموال المقرضينحثت الشريعة الإسلامية أصحاب الأموال والزائدة عن حاجتهم إلى أقراض مازاد لديهم من أموال، وحفزتهم إلى ذلك عن طريق مضاعفة مال القرض بطرح البركة فيه.قال تعالى: [مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ] (سورة البقرة: آية 245).وعند حجز المقترضين عن السداد، فإن الشريعة الإسلامية ضمنت لأصحاب الأموال المقرضين أموالهم، حيث جعلت من بين مصارف الزكاة بنداً خاصاً بأُولئك الذين يقترضون ولايستطيعون السِداد وسمتهم الغارمين.إن القياس الصحيح والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية في باب الزكاة تجيز القول بجواز سداد دين القرض الذي أقرض للمستثمرين من سهم الغارمين، وذلك لأن الشريعة الإسلامية ماجاءت الاّ لتحقيق مصالح العباد، وحفظ المال أحد مقاصد الشريعة الإسلامية.2- تمليك الأرض الموات لمن أحياهافي الإصطلاح الشرعي يقصد بالأرض الموات هي تلك الأراضي التي لايستطيع بها لإنقطاع الماء عنها، أو كونها حجراء أو سبخة ونحو ذلك مما يمنع من الزراعة (الموصلي، بدون تأريخ، ص66).وهكذا بأحياء الأراضي الموات تكون تلك الأراضي قد دخلت دورة العملية الإنتاجية، إن الإسلام بإقراره شريعة أحياء الأرض الموات، وإعترافه بملكية الأرض التي تتحقق عن طريق الأحياء فأنه إنما يفعل ذلك حتى يحفز الفرد المسلم إلى بذل المزيد من الجهد، وحتى يحفز غيره من أفراد المجتمع إلى إستقلال الموارد الطبيعية غير المستغلة.3- إقطاع ولي الأمر الأرضفي الإصطلاح الشرعي يقصد بالإقطاع جمع قطيعة، وهي ما يخص به الإمام بعض الرعية من الأرض لتكون غلتها له لارقبتها (البخاري، بدون تأريخ، ص80).يقول عبدالله بن الأزرق في كتابه (بدائع السلك وطبائع الملك):يأخذ السلطان الناس بالعبارة والحثرة الفراس ويقطعهم الإقطاعات في الأرض الموات، ويجعل لكل أحد ملك ما عمره، ويعينه على ذلك فيه لترخص الأسعار ويعيش الإنسان والحيوان، ويعظم الأجر، ويكثر الأغنياء، وما تجب فيه الزكاة) (إبن الأزرق، 1997، ص219). 4- تحريم الفائدة المسبقة والثابتةيرى الفقهاء المسلمون إن البديل الإسلامي للفائدة المسبقة والثابتة هي الفائدة الملحقة التي تستند إلى نظام المضاربة والمشاركة، حيث يصبح العائد على رأس المال النقدي الذي تم تمويل المشاريع الإستثمارية به متوقفاً على إنتاجية المشروح الإسثماري.أن المستثمر الذي يعمل برأس مال مشارك في الربح إذا ما آل المشروع الذي يديره إلى خسارة، فأنه سيجد نفسه بلا أجر على مجهوداته التنظيمية، إلا أنه لن يترتب على خسارة مشروعة الذي تم تمويله على أساس المشاركة في الربح سلخ أي جزء من أمواله الخاصة مما يشجعه مرة أخرى على إرتياد مجالات إنتاجية جديدة.
مراجع البحث ومصادره:أولاً –القرآن الكريم.ثانياً-الحديث النبوي الشريف.-بخاري، أبو عبدالله محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، المكتبة الإسلامية للطباعة، تركيا، بدون تأريخ.ثانياً-كتب الفقه الإسلامي:-الموصلي، عبدالله بن محمود، الإختبار لتحليل المختار، مطبعة محمد علي صبيح، القاهرة، بدون تأريخ.رابعاً-الموسوعات العلمية:-الجمال، د. محمد عبدالمنعم، موسوعة الإقتصاد الإسلامي، ط1، دار الكتاب المصري، القاهرة، 1980خامساً-الكتب المنشورة:1-بني هاني، د. حسين، حوافز الإستثمار في النظام الإقتصادي الإسلامي،ط1، دار الحندي، الإردن، 20042-عبد، محمد عبد العزيز، الإستثمار الأجنبي المباشر في الدول الإسلامية في ضوء الإقتصاد الإسلامي، ط1، دار النفائس، الإردن، 20053-القرضاوي، د.يوسف، دور القيم والأخلاق في الإقتصاد الإسلامي، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 20024-مشهور، د. أميرة عبداللطيف، الإستثمار في الإقتصاد الإسلامي، مكتبة مدبولي، القاهرة.

 

—————

Back


Contact

كاركيرى و ئابورى

ZANKOI SLEMANI KOLEJI KARGERI U ABURI........BINAI MALTI...